حسام : مساء الخير سيدتي
أمل : ارتبكت وتبعثرتْ كلماتها واحْمَرتْ خدودها كحبتي " كرز " مستوية النضوج
وحان قطافها ..صمتتْ.. صمت الكلام .. يذيب الأحلام ، كل شئ فيها اُخْرِسْ فجأة ، أخرسته المفاجأة ..إلا من كلمات خرجت من ثغرها البسام
أمل : مساء النور سيدي
حسام : أراكِ وحيدة حزينة ..لماذا هذا الحزن يا ملاك ؟
أمل : تعطلت لغة الكلام .. وبفقدان البصر عجزتْ عن التعبير بلغة العيون , كل وسائل التعبير مفقودة .. شعرتْ بألم وحسرة بداخلها شعور يثور.. ويثور كبركان خامد حركته مشاعر شاعر، فقدت السيطرة على جوارحها وارتعشت خوفاً ممزوجاً بألم الحرمان ، تمنت لو عاد إليها بصرها ثواني .. حتى ترد التحية بأحسن منها..لهذا الشاب لمن ؟؟ لشاب لا تعرفه... هتفت في سرها !!
وهنا أدركتها رحمة السماء انهمر ماء.. ليس مطر ولكنها دموع الحسناء
رأى " حسام " قطرات لألئ على خد القمر ، رسم الحزن الدفين
الغائر في عمق السنين وشوق وحنين..
وهنا تجمد الدم في عروقه، وتاهت منه أبجديته، وخانه التعبير وكأنه ولد من جديد
لم يستطع "حسام " مغادرة المكان، فدنى منها بحذر ، يتأمل عجائب الأمل
وقد سال من شعرها الذهب ، تداعبه نسمات المساء ، والحيرة خطيرة
حولت " أمل" من فتاه إلى حورية من حور الجنة الحسان..
بدأت أناملها تداعب جدائلها مرتبكة تتلفت كالغزال الحائر وفي الخاطر
كلام أنغام سر مكنون مقيدة في الجفون العاجزة عن النظر..
بدأتْ مشاعرها تدفعها لرد التحية لكنها لا تريد أن تخبره بأنها كفيفة من أول لقاء
وكانت تتحاشى أن تقع عيناه في عيناها خوفاً من أن يدرك
أنها عمياء مع أن جمال عيونها يزينها الحَورْ والرمش الطويل لا يوحي
لمن نظر إليها أنها عمياء ، لأن العمى مرض عارض ولم تولد عمياء ..
أمل: سيدي كنتُ في انتظار " نجاة " .. تداركت ..
الموقف وكأن كلماتها تسابق مشاعرها " نجاة " صديقتي تجلس معي لتوَّنسْ
وحدتي فانا كما تراني وحيدة
حسام : هل تحبين الوحدة سيدتي ؟
أمل : اجبرتُ عليها ..أصبحت أحبها .. وأنتَ ْ هل تحبها ؟
حسام : أجل أحببتها ؟ أموت فيها..
أمل : بغيرة النساء المتأصلة في الدماء،
أرادت أن تعرف هل له حبيبه هل هي جميلة ؟
حسام : من غيرها ، من دونها ، الدنيا غريبة
أمل : مازحة .. أسألك سيدي عن الجمال وعنها.... تجاوبني عن الغربة
حسام : عفوك سيدتي ، الجمال في الغربة ... غريب ألستِ معي؟
أمل : لم تجاوبني على سؤالي؟
حسام : ألم ترين صورتك في مرآتك ؟
هنا اهتز كيانها وشعرت بالجرح قد طعنها بخنجر من غير قصد هل عرف قصتها
أمل : وتجرحني سيدي الغريب ؟ شكراً لك
حسام : أسف سيدتي .. لم اقل شيئاً يغضبك ..
أجزم أنك لم ترين وجهك في مرآتك
حتى لا تغار من جمالك..بذكاء شديد أبعدته عن ردها الغريب حين سألها عن مرآتها
أمل : ربما تعرف لاحقاً الجواب
وشكراً للمدح والثناء من صخرة عمياء
حسام : لم أفهم ؟ ماذا تقصدين؟
الكل من حولي يجيد الكلام لا أرى صخر بل أرى أنوار
أمل : من الأفضل أن لا تفهم ..ما كل شئ فى الحياة يتحتم علينا فهمه
يكفيك أنك طيب القلب حنون ، دع الجواب للأيام إذا لم تدركنا قافلة الموتى
حسام : لماذا التشاؤم ؟
أمل : اعذرني وأعفيني من ذكر السبب..
حسام : هناك فتاة قادمة استأذنك في الانصراف
أمل : إنها صديقتي " نجاة "
في أمان الله وحفظه اهتم بروحك ؟
حسام : هل تهمك روحي يا .... ؟؟ لم يكمل .....
أمل : اقصد اهتم بنفسك ..... لم تكمل خجلاً وحيا...
حسام : وما الفرق بين الروح والنفس؟
أمل : ضاحكة .. حرف الواو يا ....؟ لم تكمل.....
حسام : ضحك .. ضحكة وكأنها العروة الوثقى ربطت
بين قلبيهما انتهى اللقاء الأول كحلم مساء..